أعود ثانية لإقتراح متعلق بالزكاة، تقدمت به خلال لقاء صحفي أخير بشأن ما يجب القيام به في إطار قانون ميزانية تعديلي نحن مقبلون عليه، لكي أقوم بالتذكير بشيء وبالتنبيه لشيء وباقتراح أشياء.

أ الشيء الذي أود التذكير به، هو أنه إلى جانب كون شهر رمضان الأبرك هو شهر الصيام والقيام، فهو أيضا في بلدنا شهر بداية إيتاء الزكاة من لدن كل موسر مر الحول على مدخراته ومداخيل استثماراته. ذلك أن عددا من المغاربة، لا ينتظرون حلول شهر محرم الحرام، بل يشرعون في إخراج الزكاة ابتداء من هذا الشهر الفضيل، الذي يضاعف فيه الله سبحانه وتعالى أجر الصلوات والصدقات وكل أشكال العمل الصالح بين العبد وربه وبين الناس فيما بينهم. فيلقى الفقراء والمساكين وذوو القربى في ذلك فضلا كثيرا، إذ تكثر الحاجيات في شهر رمضان. فيتقوى التظامن الاجتماعي والفضل والخير بين الناس في الأرض، مثلما يتعاظم صفاء وطهر الروح لكي ترقى لمناجاة السماء. 

ب أما الشيء الذي أود التنبيه إليه، فهو أن هذه الأجواء الروحانية والتضامنية تصادف هذه السنة ما حل بالعالم وببلدنا وشعبنا من مصاب صحي واجتماعي واقتصادي بسبب جائحة كورونا، التي أحدثت خسائر في الأرواح، وزلزالا مدويا في مناخ الأعمال، وشللا شبه تام في بنياتنا الاقتصادية. وإن كان بلدنا يحضى في أعين العدو والصديق، بكل التقدير لما أبان عنه جلالة الملك من استباق وتدبير متميزين للأزمة في شقيها الإنساني والإجتماعي، من خلال توفير كل شروط ووسائل الحفاظ على حياة الناس من موت داهم يمكن أن يحدق بها، ومن خلال توفير كل شروط ووسائل الكرامة للأفراد والأسر في هذه الضائقة، التي أتت على الأرزاق ومنابعها، فإن الحاجيات الإجتماعية الملحة من جراء تداعيات ما حل بنا، ستستمر وإن بنسب أقل، إلى حين أن تعود الحياة الاقتصادية والاجتماعية تدريجيا بكل مكوناتها إلى سابق عهدها، في أحسن الأحوال حوالي نهاية شهر شتنبر حسب التقديرات المتفائلة. وهو نفس التوقع بالنسبة لكل دول العالم المتضررة.

ج وهذا ما يجعلني أصل إلى الأشياء التي أود اقتراحها وهي :

أن  يخصص المواطنون الذين يستوجب عليهم إيتاء الزكاة، نصيبا منها استثناء هذه السنة، للمساهمة في تمويل حاجيات فقراء ومحتاجي وفاقدي منبع الرزق في مجتمعنا خلال هذه الفترة الحرجة، في التفاتة  روحانية تضامنية تلبي نداء “الزكاة الآن للوطن”. 

علما بأن هذه النسبة الاستثنائية من الزكاة، يجب أن يدفعها أصحابها لصندوق تدبير جائحة كورونا على غرار كل الهبات التي قدمها ملايين المغاربة من كل المستويات الاجتماعية في هذا الصندوق الذي أحدثه جلالة الملك، 

أن تخصص الدولة مداخيل الزكاة للباس العيد، ولمحفظة الدخول المدرسي المقبل لأبناء الشريحة المستهدفة، ولأضحية العيد للأسر المستهدفة. 

وهكذا سيكون لهذا الاقتراح وقع متعدد وكبير، حيث سيحول هذه الغمة وهذا الضيق اللذين جثما على أرواحنا إلى : 

أ- سعادة منقطعة النظير لدى أطفال وأسر مجتمعنا المحتاجين، الذين سيكونون قد قضوا أياما وأسابيع عصيبة تحت الحجر الصحي، 

ب وفرج ودخل مهم لفلاحينا الصغار في العالم القروي، الذين لحقتهم خسائر كبيرة بسبب جفاف استثنائي هذه السنة، والذين يجب أن تكون لهم الأسبقية في بيع أغنامهم لهذه العملية،

ج ورواج تجاري لدى مقاولات وطنية متعددة، إذ يجب أن يكون الحرص التام على أن تكون كل المشتريات من منتوجات مغربية،

د وأولا وأخيرا، سعادة كبيرة لدافعي الزكاة الذين سيغبطهم كل المغاربة على أن ساهموا في تحويل أزمة ونكسة، إلى فرصة للسعادة الاجتماعية والرواج الإقتصادي.

وإن الكفاءة العالية في تطبيق أدق تفاصيل الاستراتيجية المحكمة التي أعدها ويقودها جلالة الملك، من لدن جنود هذا الوطن الذين يعملون بإيثار ونضال منقطعي النظير على مختلف واجهات الواجب الوطني من صحة وتعليم وأمن ونظافة… إلخ، ليجعلنا جميعا نطمئن على أن تفعيل هذه الاقتراحات إن حظيت بالقبول، سيكون بنفس الكفاءة والجدية والوثيرة العالية لهؤلاء البواسل الشرفاء، الذين أبهروا كل المغاربة أولا قبل أن يبهروا العالم.